فصل: باب القيادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأخبار ***


باب النظر

للمسيح عليه السلام في النظر قال المسيح عليه السلام‏:‏ لا يزني فرجك ما غضضت بصرك في الأحتفاظ من العين وقال رجلٌ لأخيه‏:‏ احتفظ من العين، فإنها أنمّ عليك من اللسان وقال بشار‏:‏

على النفس من عينها شاهدٌ *** فكاتم حـديثـك أونـمّـه

وقال الفرزدق‏:‏

فلا تدخل بيوت بني كليبٍ *** ولا تقرب لهم أبدًا رحالا

فإنّ بها لوامع مبـرقـاتٍ *** يكدن ينكن بالحدق الرجالا

بين أشعب وابنه نظر أشعب يومًا إلى ابنه وهو يديم النظر إلى امرأة، فقال‏:‏ يا بنيّ نظرك هذا يحبل‏.‏

لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء في هذا المعنى‏:‏

ولي نظرةٌ لو كان يحبل ناظرٌ *** بنظرته أثنى لقد حبلت منّي

ذو الرمة وقال ذو الرّمة - وذكر الظبية وخشفها -‏:‏

وتهجره إلاّ اختلاسًا بطـرفـهـا *** وكم من محبٍ رهبة العين هاجر

لأعرابية في بني نمير مرّت أعرابيّةٌ بقوم من بني نمير، فأداموا النظر إليها، فقالت‏:‏ يا بني نمير، واللّه ما أخذتم بواحدةٍ من اثنتين‏:‏ لا بقول اللّه‏:‏ ‏{‏قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم‏}‏‏.‏ ولا بقول جرير‏:‏

فغضّ الطّرف إنك من نميرٍ *** فلا كعبًا بلغت ولا كلابـا

فاستحيا القوم من كلامها وأطرقوا‏.‏

للطائي وقال الطائيّ‏:‏

مريب الحزن في القلوب *** وناصر العزم في الذنوب

ما شئت من منطق أريبٍ *** فيه ومن منظرٍ عجـيب

لمّا رأى رقبة الأعـادي *** على مغنّى بـه كـئيب

جرّد لي من هواه طرفـًا *** صار رقيبًا على الرقيب

فصاحة الطرف ويقال‏:‏ ربّ طرفٍ أفصح من لسانٍ‏.‏

وقال الشاعر‏:‏

ومراقبين يكتّمان هواهـمـا *** جعلا الصدور لما تجنّ قبورا

يتلاحظان تلاحظًا فكأنـمـا *** يتناسخان من الجفون سطورا

وقال أعرابيّ‏:‏

إن كاتمونا القلى نمّـت عـيونـهـم *** والعين تظهر ما في القلب أو تصف

وقال آخر في مثله‏:‏

إذا القلوب أظهرت غير ما *** تضمره أنبتك عنها العيون

وقال آخر‏:‏

أما تبصر في عينيّ *** عنوان الذي أبدي

وقالت أعرابيةّ‏:‏

ومودّع يوم الفراق بلحظـه *** شرقٍ من العبرات ما يتكلّم

وقال أعرابيّ‏:‏

وما خاطبتها مقلتاي بنـظـرةٍ *** فتفهم نجوانا العيون النواظر

ولكن جعلت الوهم بيني وبينها *** رسولًا فأدّى ما تجنّ الضمائر

ونحوه قول أبي العتاهيّة‏:‏

أما والذي لو شاء لم يخلـق الـنـوى *** لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي

يوهّمنيك الشوق حـتّـى كـأنـنـي *** أناجيك عن قربٍ وما أنت في قربـي

وقال أحمد بن صالح بن أبي فنن‏:‏

دعا طرفه فأقبل مـسـرعـًا *** فأثّر في خدّيه فاقتصّ من قلبي

شكوت إليه ما ألاقي من الهوى *** فقال على رغمٍ فتنت فما ذنبي

في أربع لا يشبعن من أربع كان يقال‏:‏ أربعٌ لا يشبعن من أربع‏:‏ عينٌ من نظر، واثنى من ذكر، وأرضٌ من مطر، وأذنٌ من خبر‏.‏

بين إسحاق بن أحمد ورجل حدّثني إسحاق بن أحمد بن أبي نهيك قال‏:‏ رأيت رجلًا في طريق مكة وعديله جاريةٌ في المحمل وقد شدّ عينيها وكشف الغطاء؛ فقلت له في ذلك؛ فقال‏:‏ إنما أخاف عليها عينيها لا عيون الناس‏.‏

وكان عند بعض القرشّيين امرأةٌ عربيّةٌ، ودخل عليها خصيّ لزوجها وهي واضعةٌ خمارها، فحلقت رأسها وقالت‏:‏ ما كان ليصحبني شعرٌ نظر إليه غير ذي محرمٍ‏.‏

باب القيان والعيدان والغناء

بين جعفريّ وجارية يهواها قال إسحاق بن إبراهيم‏:‏ كان رجلٌ من آل جعفر بن أبي طالب، يهوى جاريةً، فطال ذلك به، فقال للزّبيريّ‏:‏ قد شغلتني هذه عن ضيعتي وعن كل أمري فاذهب بنا حتى نكاشفها، فقد وجدت بعض السّلوّ‏.‏ فأتيناها؛ فلما أتيناها قال لها الجعفريّ أتغنيّن‏:‏

وكنت أحبّكم فسلوت عنكم *** عليكم في دياركم السلام

فقالت‏:‏ لا، ولكني أغنّي‏:‏

تحمّل أهلها منها فبـانـوا *** على آثار من ذهب العفاء

فاستحيا وأطرق ساعةً وازداد كحلفًا، ثم قال‏:‏ أتغنيّن‏:‏

وأخنع للعتبى إذا كنت ظالمـًا *** وإن ظلمت كنت الذي أتنصّل

قالت‏:‏ نعم، وأغنيّ‏:‏

فإن تقبلوا بالودّ نقبل بمـثـلـه *** وإن تدبروا أدبر على حال باليا

فتقاطعا في بيتين، وتواصلا في بيتين، ولم يشعر بهما أحدٌ‏.‏

وقال أحمد بن صالح بن أبي فنن‏:‏

أعددت للحرب شرب كأسٍ *** وميل سمـعٍ إلـى قـيان

تظلّ أوتارهنّ تـحـكـي *** فصاحةً منطق اللـسـان

ما بين يمنى وبين يسـرى *** وحي بنانٍ إلـى بـنـان

ضمير قلب بقـرع كـفٍّ *** أبداه بمّـان نـاطـقـان

لبعض الكتاب في العود وقال بعض الكتّاب وذكر العود‏:‏

وناطق بلسان لا ضـمـير لـه *** كأنه فخذٌ نيطـت إلـى قـدم

يبدي ضمير سواه في الكلام كما *** يبدي ضمير سواه منطقٌ لفـم

لشاعر يذكر مغنية وقال آخر يذكر مغنيّة‏:‏

ألم ترها لا يبعـد الـلّـه دارهـا *** إذا رجّعت في صوتها كيف تصنع

تمدّ نـظـام الـقـول ثـم تـردّه *** إلى صلصل في حلقها يتـرجّـع

شعر في القيان وقال بعض المحدثين في القيان‏:‏

إذا رأين الـقـيان أحـمـــق ذا *** مالٍ يقلّبـن نـحـوه الـحـدقـا

وبالتـغـنّـي وبـالـتـدلّـل يس *** لبن فـؤادًا بـحـبّـه عـلـقـا

حتى إذا ما سـلـخـن جـلـدتـه *** سلخـًا رفـيقـًا وبـدّد الـورقـا

قلن ادخلوا، ذا الطّوير قد طرح الرّ *** يش، وشدّوا من دونه الـغـلـقـا

فبتـن يرعـين فـي دراهـمـه *** وبات يرعى الهـمـوم والأرقـا

للقاسم بن محمد في الغناء

ذكر عند القاسم بن محمد الغناء والسّلو عنه، فقال لهم‏:‏ أخبروني، إذا ميّز أهل الحقّ وأهل الباطل ففي أيّ الفريقين يكون الغناء‏؟‏ قالوا‏:‏ في فريق الباطل‏.‏ قال‏:‏ فلا حاجة لي فيه‏.‏

بين سكينة بنت الحسين والغريض ومعبد قدمت سكينة بنت الحسين مكة، فأتاها الغريض ومعبد فغنياها‏:‏

عوجي علينا ربّة الهودج *** إنك إن لم تفعلي تحرجي

فقالت‏:‏ والله ما لكما مثلٌ‏:‏ إلا الجديين الحار والبارد لا يدرى أيها أطيب‏.‏

في إجادة الغناء والإساءة فيه قال بعضهم‏:‏ ليس يخلو أحدٌ في بيته ولا في سفره إلا وهو يشدو، فإن هو أساء في ذلك ستر الله عليه، وإن هو أحسن فضحه الله‏.‏

لشريح قال الهيثم‏:‏ خرج شريحٌ إلى مكة فشيّعه قوم، فانصرف بعضهم من النجف بعد السفرة، ومضى معه قوم، فلما أرادوا أن يودعوه، قال‏:‏ أما أصحاب النجف فقد قضينا حقّهم بالطعام، وأما أنتم فأغنّيكم، ورفع عقيرته وغنّى‏:‏

إذا زينب زارها أهـلـهـا *** حشدت وأكرمت زوّارهـا

وإن هي زارتهم زرتـهـا *** وإن لم يكن لي هوىً دارها

خبر القاص بمرو عن عليّ بن هشام قال‏:‏ كان عندنا بمرو قاصٌّ يقصّ فيبكينا، ثم يخرج بعد ذلك طنبورًا صغيرًا من كمّه فيضرب ويغني ويقول‏:‏

يا إين تيمار بايد أندكي شادي

معناه‏:‏ ينبغي مع هذا الغم قليل فرحٍ‏.‏

ابن عيينة ومجيب له عن ابن جامع قدم ابن جامع مكة بخيرٍ كثير، فقال ابن عيينة‏:‏ علام تعطيه الملوك هذه الأموال ويحبونه هذا الحباء‏؟‏ قالوا‏:‏ يغنيهم‏.‏ قال‏:‏ ما يقول‏؟‏ فاندفع رجل يحكيه وقال‏:‏

أطوّف بالبيت فيمن يطوف *** وأارفع من مئزري المسبل

قال‏:‏ أحسنت، هيه‏!‏ فقال‏:‏

وأسجد بالليل حتى الصبـا *** ح أتلو من المحكم المنزل

فقال‏:‏ جزاه الله عن نفسه خيرًا‏!‏ هيه‏!‏ فقال‏:‏

عسى كاشف الكرب عن يوسفٍ *** يسخر لي ربّة الـمـحـمـل

فقال‏:‏ آه‏!‏ أمسك أمسك، قد علمت ما نحا الخبيث، اللهم لا تسخرها له‏!‏‏.‏

التقبيل

من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن أسد قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلى مع نسائه أقعى وقبّل‏.‏

بين أم البنين وعزّة قالت أمّ البنين لعزّة صاحبة كثير‏:‏ أخبريني عن قول كثير‏:‏

قضى كلّ ذي دينٍ فوفّى غريمه *** وعزّة ممطولٌ مغنّى غريمهـا

أخبريني ما ذلك الدّين‏؟‏ قالت‏:‏ وعدته قبلةً فحرجت منها‏.‏ قالت أم البنين‏:‏ أنجزيها وعليّ إثمها‏.‏

بين رجل وأعرابي في معنى الزنا قال رجل لأعرابيّ‏:‏ ما الزنا عندكم‏؟‏ قال‏:‏ القبلة والضّمة‏.‏ قال‏:‏ ليس هذا زنا عندنا‏.‏ قال فما هو‏؟‏ قال‏:‏ أن يجلس بين شعبها الأربع ثم يجهد نفسه‏.‏ فقال الأعرابي‏:‏ ليس هذا زنا، هذا طالب ولد‏.‏

لبعض الشعراء في التقبيل وقال‏"‏آخر‏"‏‏:‏

فدخلت مختفيًا أصرّ بـبـيتـهـا *** حتى ولجت على خفيّ المولـج

قالت وعيش أخي ونعمة والـدي *** لأنبّهنّ الحيّ إن لـم تـخـرج

فخرجت خيفة قولها فتبسـمـت *** فعلمت أن يمينها لـم تـحـرج

فلثمت فاها قابضًا بقـرونـهـا *** شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

فتناولت رأسي لتعرف مـسـه *** بمخضّب الأطراف غير مشنـج

وقال بعض الشعراء‏:‏

وما نلت منها محرمًا غير أنني *** أقبّل بسامًا من الثغر أبلـجـا

وألثم فاها تارةً بـعـد تـارةٍ *** وأترك حاجات النفوس تحرّجا

وقال آخر‏:‏

لعمري إني ما صبوت وما صبت *** وإنّي إليها من صبـًا لـحـلـيم

سوى قبلةٍ أستغفر الله ذنـبـهـا *** وأطعم مسكينًا بـهـا وأصـوم

لأبي نواس وقال أبو نواس‏:‏

وعاشقين التفّ خدّاهمـا *** عند التثام الحجر الأسود

فاشتفيا من غير أن يأثما *** كأنما كانا على موعـد

لولا دفاع الناس إيّاهمـا *** لما استفاقا آخر المسند

بين المتوكل وبختيشوع قال المتوكل، أو غيره من الخلفاء، لبختيشوع‏:‏ ما أخفّ النقل على النبيذ‏؟‏ فقال له‏:‏ نقل أبي نواس‏.‏ فقال‏:‏ ما هو‏؟‏ فأنشده‏:‏

ما لي في الناس كلهم مثل *** مائي خمرٌ ونفلي القبـل

وقال بعض المحدثين‏:‏

غضبت من قبلةٍ بالكره وجدت بها *** فهاك قد جئت فاقتصيه أضعافـا

لم يأمر الله إلا بالقصاص فلا *** تستجوري ما رآه الله إنصافا

الدخول بالنساء والجماع

ابن عباس والمتعة عن سعيد بن جبير قال‏:‏ قلت لابن عباس‏:‏ ما تقول في متعة النساء‏؟‏ - قال‏:‏ قد أكثر الناس فيها حتى الشاعر‏:‏

قد قلت للشيخ لما طال مجـلـسـه *** يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس

هل لك في رخصة الأطراف آنـسةٍ *** تكون مثواي حتى رجعة الـنـاس

- قال‏:‏ فنهاني عنها وكرهها‏.‏

للأصمعي الأصمعي‏:‏ أن رجلًا قعد من امرأة مقعد النكاح ثم قال‏:‏ أبكرٌ أنت أم ثيّبٌ‏؟‏ قالت‏:‏ ‏"‏وأنت على المجرّب‏"‏‏.‏

بين الحجاج وابن شماخ قال الحجاج لأكتل بن شمّاخ العكلي‏:‏ ما عندك للنساء‏؟‏ قال‏:‏ إني لأطيل الظمأ وأورد فلا أشرب‏.‏

لمدني في النكاح وقيل لمدني‏:‏ ما عندك في النكاح‏؟‏ قال‏:‏ إن منعت غضبت، وإن تركت عجزت‏.‏

للأحنف قال الأحنف‏:‏ إذا أردتم الحظوة عند النساء فأفحشوا في النكاح وحسنوا الأخلاق‏.‏

لمعاوية قال معاوية‏:‏ ما رأيت منهومًا بالسناء إلا رأيت ذلك في منّته‏.‏

قال آخر‏:‏ لذة المرأة على قدر شهوتها، وغيرتها على قدر محبتها‏.‏

لعيسى بن موسى دعا عيسى بن موسى بجاريةٍ له، فلم يقدر على غشيانها، فقال‏:‏

القلب يطمع والأسباب عاجـزةٌ *** والنفس تهلك بين العجز والطمع

مقاتل بن طلبة قال مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم‏:‏

رأيت سحيمًا فاقد الله بينها *** تنيك بأيديها وتعيا أيورها

وقال آخر‏:‏

ويبعث يوم الحشر أما لسانه *** فعيٌّ وأما أيره فخطـيب

وقال آخر‏:‏

ويعجبني منك عند الجماع *** حياة اللسان وموت النظر

لامرأة في الحارث بن ظالم المدائني قال‏:‏ أسرت عنزة الحارث بن ظالم، فمرت به امرأةٌ منهم فرأت كمرةً سوداء، فقالت‏:‏ احتفظوا بأسيركم فإنه ملكٌ وخدن ملك‏.‏ قالوا‏:‏ وكيف عرفت ذلك‏؟‏‏"‏قالت‏:‏ ‏"‏رأيت حشفةً سوداء من فروم النساء‏.‏

والفرم‏:‏ ما تضيّق المرأة به رحمها م رامكٍ أو عجم زبيب أو غيره‏.‏

وكتب عبد الملك ب مروان إلى الحجاج‏:‏ يابن المستفرمة بعجم الزبيب‏.‏

بين امرئ القيس وامرأة قال الهيثم‏:‏ كان امرؤ القيس مفرّكًا، فبينما هو يومًا مع امرأة قالت له‏:‏ قم يا خير الفتيان قد أصبحت‏.‏ فلم يقم، فكررت عليه، فقام فوجد الليل بحاله، فرجع إليها فقال لها‏:‏ ما حملك على ما صنعت‏؟‏ قالت‏:‏ حملني عليه أنّك ثقيل الصدرن خفيف العجز، سريع الإراقة‏.‏

بين أبي عبيدة وجارية له قال أبو عبيدة لجاريةٍ له‏:‏ اصدقيني عمّا تكره النساء مني‏.‏ قالت‏:‏ يكرهن منك‏"‏أنك‏"‏إذا عرقت فحت بريح كلبٍ‏.‏ قال‏:‏ أنت صدقتيني، إن أهلي كاوا أرضعوني بلبن كلبةٍ‏.‏

بين رجل وامرأته قال الأصمعي‏:‏ غاضبت امرأة زوجها، فجال عليها يجامعها؛ فقالت‏:‏ لعنك الله‏!‏ كلما وقع بيني وبينك شرٌّ جئتني بشفيعٍ لا أقدر على ردّه‏!‏‏.‏

زواج عبيد الله بن زياد بهند بنت أسماء بن خارجة الهيثم عن ابن عيّاش قال‏:‏ كتب عبيد الله بن زياد إلى أسماء بن خارجة ووالي البصرة يخطب إليه هند بنت أسماء فزوّجه؛ فلقيه عمرو بن حارثة ومحمد بن الأشعث بن قيس ومحمد بن عمير، فقالوا‏:‏ خطب إليك وليس له عليك سلطانٌ فزوجته وقد عرفته‏!‏ فقال‏:‏ قد كان ما كان‏.‏ فقال عقيبة الأسديّ‏:‏

جزاك الله يا أسمـاء خـيرًا *** كما أرضت فيشلة الأمـير

بصدرعٍ قد يفوح المسك منه *** عظيم مثل كركرة البـعـير

لقد زوجتها حسنـاء بـكـرًا *** تجيد الرهز من فوق السرير

فبلغ الخبر عبيد الله بن زياد، فلما استعمل على الكوفة تزوج عاشة بنت محمد بن الأشعث، وزوّج أخاه سلم بن زيادٍ بنت عمرو بن الحارث بن حريثٍ، وزوّج أخاه عبد الله بن زيادٍ ابنة محمد بن عميرٍ‏.‏ قال ابن عيّاش‏:‏ فاشتركوا والله في اللوم جميعًا‏.‏

لابن المبارك

قال ابن المبارك‏:‏ ألستم تعلمون أنّي قد أرميت على المائة‏!‏ وينبغي لمن كان كذلك أن يكون في وهن الكرّة وموت الشّهوة وانقطاع ينبوع النّطفة، وأن قد يكون قد مال جبينه إلى النساء وبفكره إلى الغزل‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وينبغي أن يكون عوّد نفسه تركهن، وهذا والتخلي بهّ دهرًا أن تكون العادة وتمرين الطبيعة وتوطين النفس قد حطّ من ثقل منازعة الشهوة ودواعي الباه، وقد علمت أنّ العادة قد تستحكم ببعضٍ عمن ترك ملابسة النساء‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وينبغي أن يكون لمن لم يذق طعم الخلوة بهنّ ولم يجالسهنّ متبذّلاتٍ ولم يسمع خلابتهن للقلوب واستمالتهن للأهواء، ولم يرهنّ متكشّفاتٍ ولا عارياتٍ أن يكون إذا تقدّم له ذلك مع طول الترك ألاّ يكون بقي معه من دواعيهنّ شيء‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وينبغي لمن علم أنّه مجبوبٌ وأن سببه إلى خلاطهن محسوم أن يكون اليأس من أمتن أسبابه إلى الزهد والسّلوة وإلى موت الخاطر‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وينبغي لمن دعاه الزّهد في الدنيا إلى أن خصى نفسه ولم يكرهه على ذلك أبٌ ولا عدوٌّ ولا سباه ساب أن يكون مقدار ذلك الزّهد يميت الذكر وينسي العزم‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ وينبغي لمن سخت نفسه عن الشكر وعن الولد وعن أن يكون مذكورًا بالعاقب الصالح أن يكون قد نسي هذا الباب إن كان مرّةً منه على ذكره، وأنتم تعلمون أني سملت عيني يوم خصيت نفسي‏"‏و‏"‏قد نسيت كيفية الصّور‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ أوليس لو لم أكن هرمًا ولم يكن هاهنا اجتناب وكانت الآلة قائمة - إلا أني لم أذق لحمًا منذ ثلاثين سنة ولم تمتلىء عروقي من الشّراب مخافة الزيادة في الشّهوة - لكان في ذلك ما يقطع الدواعي ويسكّن حركةً إن هاجت‏.‏ قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ فإن بعد ما وصفت لكم لا أسمع نغمةً لامرأة إلا أظن أنّ عقلي قد اختلس، ولربّما تراءى فؤادي عن ضحك إحداهن حتى أظنّ أنه قد خرج من فمي، فكيف ألوم عليهنّ غيري‏!‏‏.‏

‏"‏بين ابن سيرين ورجل‏"‏قال رجل لابن سيرين‏:‏ إذا خلوت بأهلي أتكلّم بكلام أستحي منه‏.‏ قال‏:‏ أفحشته اللّذة‏.‏

للموصلي في شراعة بن الزندبوذ إسحاق بن إبراهيم الموصليّ قال‏:‏ كان شراعة بن الزّندبوذ لا يأتي النساء، وكان يقال‏:‏ إنه عنّينٌ؛ فقال‏:‏

قالوا شراعة عنّين فقلت لـهـم *** اللّه يعلم أنّـي غـير عـنّـين

فإن ظننتم بي الظنّ الذي زعموا *** فقرّبوني إلى بيت ابن رامـين

وكان ابن رامين صاحب قيانٍ، وكانت الزرقاء جاريته‏.‏

بين إسحاق وابن كناسة قال إسحاق‏:‏ أنشدني ابن كناسة‏:‏

لقد كان فيها للأمانة موضعٌ *** وللسّرّ كتمانٌ وللعين منظر

قلت‏:‏ ما بقي شيء‏.‏ قال‏:‏ فأين الموافقة‏!‏‏.‏

بين الهيثم وصالح بن حسان في أفقه الناس الهيثم قال‏:‏ قال لي صالح بن حسّان‏:‏ من أفقه الناس‏؟‏ قلت‏:‏ اختلف في ذلك‏.‏ قال‏:‏ أفقه الناس وضّاح اليمن حيث يقول‏:‏

إذا قلت هاتي نوّليني تبـسّـمـت *** وقالت معاذ اللّه من فعل ما حرم

فما ناولت حتى تضرّعت عندهـا *** وأنبأتها ما رخّص اللّهفي اللّمـم

بين هشام والأبرش في نساء كلب قال هشام بن عبد الملك للأبرش الكلبيّ‏:‏ زوّجني امرأة من كلب‏.‏ فزوّجه؛ فقال له ذات يوم يهزل معه‏:‏ وتزوّجنا إلى كلب فوجدنا في نسائهم سعة‏.‏ فقال الأبرش‏:‏ يا أمير المؤمنين، إن نساء كلبٍ خلقن لرجال كلبٍ‏.‏

لكندي في نساء كندة قال‏:‏ وسمع رجلٌ من كندة رجلًا يقول‏:‏ وجدنا في نساء كندة سعةً؛ قال الكنديّ‏:‏ إن نساء كندة مكاحل فقدت مراودها‏.‏

بين أعرابي وامرأته تزوّج أعرابيّ امرأةً، فلما دخل بها عابثها فضرطت فخرجت غضبي إلى أهلها، وقالت‏:‏ لا أرجع حتى يفعل مثل ما فعلت؛ فقال لها‏:‏ عودي لأفعل‏.‏ فعادت ففعل؛ فبينما هو يداعبها إذ حبقت أخرى؛ فقال الأعرابي‏:‏

طالبتني دينًا فلـم أقـضـك *** واللّه حتى زدت في قرضك

فلا تلوميني على مـطـلـه *** إن كان ذا دأبك لم أقضـك

لأعرابية عجز عنها زوجها تزوّج رجلٌ أعرابيّة فعجز عنها؛ فقيل لها في ذلك، فقالت‏:‏ نحن لنا صدوع في صفًا، ليس لعاجزٍ فينا حظّ‏.‏

أبو سفيان بن حرب يذكر زوجته صعبة بعدما طلقها

الهيثم عن ابن عياش قال‏:‏ كانت صعبة أمّ طلحة بن عبيد اللّه من بنات فارس، تزوّجها أبو سفيان بن حربٍ فلم تزل به هندٌ حتى طلّقها، فتزوّج بها عبيد اللّه؛ وتتبّعتها نفس أبي سفيان فقال‏:‏

إنا وصعـبة فـيمـا تـرى *** بعـيدان والـودّ قــريب

فإلاّ يكن نـسـبٌ ثـاقـبٌ *** فعند الفتاة جمـالٌ وطـيب

لها عند سرّي بها نـخـرةٌ *** يزول بها يذبلٌ أو عسـيب

فيا لقصيٍّ ألا فاعـجـبـوا *** فللوبر صار الغزال الربيب

لأعرابية جلس أعرابيٌ إلى أعرابيّةٍ، وعلمت أنه إنما جلس إليها لينظر ابنتها، فضربت بيدها على جنبها وقالت‏:‏

وما لك منها غير أنك ناكحٌ *** بعينيك عينيها فهل ذاك نافع

لأيمن بن خريم وقال أيمن بن خريم‏:‏

لقيت من الغانيات العـجـابـا *** لو ادرك منّي العذارى الشّبابا

ولكنّ جمع العذارى الحسـان *** عناء شديد إذا المـرء شـابـا

يرضن بكـل عـصـا رائضٍ *** ويصبحن كلّ غداةٍ صعـابـا

علام يكحلنّ حـور الـعـيون *** ويحدثن بعد الخضاب الخضابا

ويبرزن إلا لما تـعـلـمـون *** فلا تحرموا الغانيات الضّرايا

إذا لم يخالطـن كـلّ الـخـلا *** ط أصبحن مخرنطماتٍ غضابا

يميت العتاب خلاط النـسـاء *** ويحيي اجتناب الخلاط العتابـا

العرجيّ في يوم غاب عذّاله واعد العرجيّ امرأة من الطائف فجاء على حمار ومعه غلام، وجاءت المرأة على أتان ومعها جارية؛ فوثب العرجيّ على المرأة، والغلام على الجارية، والحمار على الأتان؛ فقال العرجيّ‏:‏ هذا يومٌ غاب عذّاله‏.‏

باب القيادة

لعائشة رضي اللّه عنها عن الواصلة عن ابن الأشوع‏:‏ أنه سئل عن الواصلة فقال‏:‏ إنك لمنقّر، قالت عائشة رضي اللّه عنها‏:‏ ليست الواصلة بالتي تعنون، وما بأسٌ إذا كانت المرأة زعراء أن تصل شعرها، ولكن الواصلة أن تكون بغيًّا في شبيبتها، فإذا أسنت وصلته بالقيادة‏.‏

خبر ظلمة القوادة قالوا‏:‏ كانت ظلمة التي يضرب بها المثل في القيادة صبيةً في الكتّاب، فكانت تضرب دويّ الصبيان وأقلامهم، فلما شبت زنت، فلما أسنت قادت، فلما قعدت اشترت تيسًا تنزّيه على العنز‏.‏

للمدائني وذكر المدائنيّ‏:‏ أنّ رجلًا من السلطان كان لا يزال يأخذ قوّادة فيحبسها ثم يأتيه من يشفع فيها فيخرجها؛ فأمر صاحب شرطته فكتب في قصّتها‏:‏ فلانة القوّادة تجمع بين الرجال والنساء لا يتكلّم فيها إلا زانٍ؛ فكان إذا كلّم فيها قال‏:‏ أخرجوا قصّتها، فإذا قرئت قام الشفيع مستحييًا‏.‏

شعر لجران العود وقال جران العود‏:‏

يبلّغهنّ الحـاج كـلّ مـكـاتـب *** طويل العصا أو مقعدٍ يتـزّحـف

ومكمونةٍ رمداء لا يحـذرونـهـا *** مكاتبةٍ ترمي الكلاب وتـحـذف

رأت ورقًا بيضًا فشدّت حزيمهـا *** لها فهي أمضى من سليكٍ وألطف

للفرزدق وقال الفرزدق‏:‏

يبلّغهنّ وحي القول منّـي *** ويدخل رأسه تحت القرام

لحميد بن ثور وقال حميد بن ثور‏:‏

خليليّ إني أشتكي ما أصـابـنـي *** لتستيقنا ما قد لقيت وتـعـلـمـا

فلا تفشيا سرّي ولا تـخـذلا أخـًا *** أبثّكما منه الحديث المـكـتـمّـا

وقولا إذا جاوزتما أرض عـامـرٍ *** وجاوزتما الحيّين نهدًا وخثعـمـا

نزيعان من جرم بن ربّـان إنـهـم *** أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما

وخبّا على نضوين مكتفـلـيهـمـا *** ولا تحملا إلا زنـادًا وأسـهـمـا

وزادًا غريضًا خفّفاه عـلـيكـمـا *** ولا تبديان سرًّا ولا تحمـلا دمـا

وإن كان ليلٌ فالويا نسـبـيكـمـا *** وإن خفتما أن تعرفا فتـلّـثـمـا

وقولا خرجنا تاجرين فـأبـطـأت *** ركابٌ تركناها بثـلـيث قـوّمـا

ولو قد أتانـا بـزّنـا ودقـيقـنـا *** تموّل منكم من رأيناه مـعـدمـا

ومدّا لهم في السّوم حتى تمـكّـنـا *** ولا تستلجّا صفق بيع فـيلـزمـا

فإن أنتما اطمأننتما فـأمـنـتـمـا *** وخلّيتما ما شئتمـا فـتـكـلّـمـا

وقولا لها ما تأمرين بصاحبٍ *** لنا قد تركت القلب منه متيّما

أبيني لنا إنّا رحلنا مـطـيّنـا *** إليك وما نرجوك إلا توهّما

المأمون لرسول بعث به وقال المأمون لرسول بعث به‏:‏

بعثتك مرتادًا ففـزت بـنـظـرة *** وأخلفتني حتى أسأت بك الظّـنـا

وناجيت من أهوى وكنت مقـرّبـًا *** فيا ليت شعري عن دنوّك ما أغنى

وردّدت طرفًا في مجالس وجههـا *** ومتّعت باستسماع نغمتـهـا أذنـا

أرى أثرًا منها بعينـيك لـم يكـن *** لقد سرقت عيناك من وجهها حسنا

وقال بعض المحدثين‏:‏

يا سوء منقلب الرّسـو *** ل مخبرًا بخلاف ظنيّ

إنّي أعـيذك أن تـكـو *** ن شغلتني وشغلت عنّي

شعر زيد بن عمرو في أمته وقال زيد بن عمرو في أمته‏:‏

إذا طمثت قادت وإن طهرت زنت *** فهي أبدًا يزني بـهـا وتـقـود

باب الزنا والفسوق

العتبي، قال‏:‏ قيل لرجل في امرأته وكانت لا ترّد يد لامسٍ‏:‏ علام تحبسها مع ما تعرف منها‏؟‏ فقال‏:‏ إنها جميلة فلا تفرك وأمّ عيال فلا تترك‏.‏

لبعض الأعراب وقال بعض الأعراب‏:‏

ألمّا على دارٍ لواسـعة الـحـبـل *** ألوفٍ تسوّي صالح القوم بالـرّذل

يبيت بها الحدّاث حتـى كـأنـمّـا *** يبيتون فيها من مدافع من نـخـل

ولو شهدت حجّاج مكة كـلّـهـم *** لراحوا وكلّ القوم منها على وصل

بين الفرزدق وسليمان بن عبد الملك أنشد الفرزدق لسليمان بن عبد الملك القصيدة التي تقول فيها‏:‏

ثلاثٌ واثنتان فـهـنّ خـمـسٌ *** وسادسة تمـيل إلـى شـمـام

فبتن بجانبـي مـصـرعـات *** وبتّ أفضّ أغلاق الـخـتـام

كأن مفالق الـرّمـان فـيهـا *** وجمر غضّى قعدن عليه حامي

فقال سليمان‏:‏ أحللت نفسك يا فرزدق‏:‏ أقررت عندي بالزنا وأنا إمامٌ، ولا بدّ لي من إقامة الحدّ عليك فقال‏:‏ بم أوجبت ذلك عليّ يا أمير المؤمنين، فقال‏:‏ بكتاب اللّه قال‏:‏ فإن كتاب اللّه يدرأ عنيّ، قال اللّه جلّ ثناؤه‏:‏‏{‏والشعراء يتبّعهم الغاوون ألم تر أنهّم في كلّ وادٍ يهيمون وأنهّم يقولون ما لا يفعلون‏}‏ فإنا قلت ما لم أفعل‏.‏

أبو الطمحان القيني وليلة الدير قيل لأبي الطّمحان القينيّ‏:‏ خبّرنا عن أدنى ذنوبك‏.‏ قال‏:‏ ليلة الدير‏.‏ قالوا‏:‏ وما ليلة الدير‏؟‏ قال‏:‏ نزلت على ديرانيةّ فأكلت طفيشلًا لها بلحم الخنزيرٍ، وشربت من خمرها وزينت بها وسرقت كساءها ومضيت شعر لعمر بن أبي ربيعة وقال عمر بن أبي ربيعة‏:‏

يقصد الناس للطواف احتسابـًا *** وذنوبي مجموعةٌ في الطواف

لجرير في الفرزدق وقال جريرٌ في الفرزدق‏:‏

لقد ولدت أمّ الفرزدق فـاجـرًا *** فجاءت بوزوازٍ قصير القـوائم

يوصّل حبلـيه إذا جـنّ لـيلـه *** ليرقى إلى جاراته بالـسّـلالـم

وما كان جارٌ للفرزدق مسـلـمٌ *** ليأمن قردًا لـيلـه غـير نـائم

أتيت حدود اللّه إذ كنت يافـعـًا *** وشبت فما ينهاك شيب اللّهـازم

تتبّع في الماخـور كـلّ مـريبةٍ *** ولست بأهل المحصنات الكرائم

هو الرجس يأهل المدينة فاحذروا *** مداخل رجسٍ بالخبيثات عـالـم

لقد كان إخراج الفرزدق عنكـم *** طهورًا لما بين المصلّى وواقـم

تدلّيت تزني من ثمـانـين قـامة *** وقصّرت عن باع العلا والمكارم

لإسماعيل بن غزوان في امرأة العزيز وقال عمرو بن بحر‏:‏ قرأ قارىء‏"‏قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحقّ‏"‏إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب‏}‏، قال إسماعيل بن غزوان‏:‏ لا واللّه ما سمعت بأغزل من هذه الفاسقة‏.‏

وسمع بكثرة مراودتها يوسف عنها فقال إسماعيل‏:‏ أما واللّه بي تمرست‏.‏

لأعرابيّ بات ضيفًا على حضريّ بات أعرابيّ ضيفًا لبعض الحضر فرأى امرأةً فهمّ أن يخالف إليها في أولّ الليل فمنعه الكلب ثم أراد ذلك نصف الليل فمنعه ضوء القمر ثم أراد ذلك في السّحر فإذا عجوزٌ قائمة تصلّي، فقال‏:‏

لم يخلق اللّه شيئًا كنت أكـرهـه *** غير العجوز وغير الكلب والقمر

هذا نبوحٌ وهذا يستضاء به *** وهذه شيخةٌ قوامة السحر

عمر بن أبي ربيعة وامرأة من كلب في موسم الحج المنصور عن أبيه محمد بن عليّ، قال‏:‏ حججت فرأيت امرأةً من كلبٍ شريفةً قد حجّت فرأها عمر بن أبي ربيعة فجعل يكلّمها ويتبعها كلّ يومٍ، فقالت لزوجها ذات يوم‏:‏ إني أحبّ أن أتوكأ عليك إذا رحت إلى المسجد‏.‏ فراحت متوكئة على زوجها فلما أبصرها عمو ولّى فقال‏:‏ على رسلك يا فتى‏:‏

تعدو الذئاب على من لا كلاب له *** وتتّقي مربض المستأسدة الحامي

بين أبي ذؤيب وخالد بن زهير الرّياشي قال‏:‏ كان أبو ذؤيب يهوى امرأة من قومه، وكان رسوله إليها رجلًا يقال له‏:‏ خالد بن زهير، فخانه فيها، فقال أبو ذؤيب‏:‏

تريدين كيما تجمعـينـي وخـالـدًا *** وهل يجمع السّيفان ويحك في غمد

أخالد ما راعـيت مـنّـي قـرابةً *** فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي

وكان أبو ذؤيب خان فيها ابن عمّ له يقال له‏:‏ مالك بن عويمر، فأجابه خالدٌ‏:‏

ولا تعجبن من سيرةٍ أنت سرتها *** وأوّل راض سنّةً من يسيرهـا

ألم تتنقّذها من ابـن عـويمـرٍ *** وأنت صفيّ نفسه ووزيرهـا

سألت امرأةٌ زوجها الحجّ فأذن لها وبعث معها أخاه، فلما انصرفا عنه سأله عنها، فقال‏:‏

وما علمت لها عيبًا أخـبّـره *** إلا اتّهامي فيها صاحب الإبل

كنا نهارًا إذا ما السّير جدّ بنا *** يغيّران وما بالرحل من مثل

ويخلفون كثيرًا في منازلـنـا *** فلا نزال نرى آثار مغتسـل

فاللّه أعلم ما كانت سرائرهم *** واللّه أعلم بالنيّات والعمـل

بين الفرزدق ورجل قال رجلٌ للفرزدق‏:‏ متى عهدك يا أبا فراسٍ بالزّنا‏؟‏ فقال‏:‏ مذ ماتت العجوز‏.‏

لقيط في سوق يحيى ببغداد رمي ببغداد في سوق يحيى قمطرةٌ فيها صبيٌ وتحته مضرّبات حرير، وعند رأسه كيسٌ فيه مائة دينار ورقعةٌ فيها‏:‏ هذا الشقيّ ابن الشقيّة، ابن السّكباح والقليّة، ابن القدح والرّطلية؛ رحم اللّه من اشترى له بهذا الذهب جاريةً تربيه؛ وفي آخر الرّقعة‏:‏ هذا جزاء من عضل ابنته‏.‏

أعرابي يذكر ماجنًا ذكر أعرابيّ رجلًا ماجنًا فقال‏:‏ لو أبصرت فلانًا العيدان لتحّركت أوتارها ولو رأته مومسة لسقط خمارها‏.‏

لبعض الأعراب قال بعض الأعراب‏:‏

ماذا يظن بليلي إذا ألـمّ بـهـا *** مرجّل الرأس ذو بردين مزّاح

حلوٌ فكاهته خزّ عمـامـتـه *** في كفهّ من رقى إبليس مفتاح

أيضًا أعرابيّ يذكر ماجنًا ذكر أعرابيّ رجلًا ماجنًا فقال‏:‏ هو أكثر ذنوبًا من الدّهر، تفد إليه مواكب الضّلالة، ويرجع من عنده مدوّن الأيام‏.‏

لآخر يذكر قومًا وذكر آخر قومًا فقال‏:‏ هم أقلٌ الناس إلى أعدائهم وأكثرهم تجرمًا على أصدقائهم يصومون عن المعروف، ويفطرون على الفحشاء‏.‏

بين الأصمعي وأمة قال الأصمعيّ‏:‏ قلت لأمةٍ ظريفة‏:‏ هل في يديك عملٌ‏؟‏ قالت‏:‏ لا‏!‏ ولكن في رجليّ‏.‏

بين أبي نواس وقيان قالت جوارٍ من القيان لأبي نواس بناتك‏!‏ فقال أبو نواس‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

شعر لأبي المهند في راهب قال أبو المهند‏:‏

وأفجر من راهبٍ يدعدّعـي *** بأنّ النسـاء عـلـيه حـرام

يحرّم بيضـاء مـمـكـورةً *** ويغنيه في البضع عنها الغلام

إذا ما مشى غضّ من طرفه *** وفي اللّيل بالدّير منه عـرام

ودير العذارى فضـوحٌ لـه *** وعند اللّصوص حديث الأنام

هؤلاء اللصوص نزلوا العذارى ليلًا، فأخذوا القسّ فشدّوه وثاقًا، ثم أخذ كلّ رجل منهم جاريةً،، فوجدوهنّ مفتضّاتٍ قد افتضهنّ القسّ كلّهنّ‏.‏

لسهل بن هارون في مخنّث قال سهل بن هارون‏:‏

إذا نزل المخنّث في رباعٍ *** تحرّك كل ذي خنثٍ إلـيه

وصارت دونهم مأوىالخبايا *** وصار الرّبع مدلولًا عليه

لآخر وقال آخر‏:‏

أقول لها لما أتتـنـي تـدلّـنـي *** على امرأةٍ موصوفةٍ بجـمـال

أصبت لها واللّه زوجًا كما اشتهت *** إن اغتفرت فيه ثلاث خـصـال

فمنهنّ فـسـقُ لا ينـادي ولـيده *** ورقّة إسـلامٍ وقـلّة مـــال

الأصمعي وابن روح المهلبي

قال الأصمعيّ‏:‏ دخلت على ابن روح بن حاتم المهلّبيّ وحضر الإذن وهو عاكفّ على غلام، فقلت له‏:‏ عمدت إلى الموضع الذي كان أبوك يضرب فيه الأعناق ويعطي فيه اللّهى، وتركب فيه ما تركب‏!‏ فقال‏:‏

ورثنا المجد عن آباء صـدقٍ *** أسأنا في ديارهم الصّنيعـا

إذا الحسب الرفيع تواكلتـه *** بنات السّوء يوشك أن يضيعا

باب مساوي النساء

لوهب بن منبه عن وهب بن منبّه قال‏:‏ عاقب اللّه المرأة بعشر خصال‏:‏ شدّة النّفاس، وبالحيض، وبالنجاسة في بطنها وفرجها، وجعل ميراث امرأتين ميراث رجل واحد، وشهادة امرأتين كشهادة رجل، وجعلها ناقصة العقل والدّين لا تصلي أيام حيضها، ولا يسلّم على النساء، وليس عليهنّ جمعة ولا جماعةٌ، ولا يكون منهنّ نبيّ، ولا تسافر إلا بوليّ‏.‏

وكان يقال‏:‏ ما نهيت امرأة قطّ عن شيء إلا أتته‏.‏

وقال طفيل في هذا المعنى‏:‏

إن النساء كأشجارٍ نبتـن مـعـًا *** منها المرار وبعض المرّ مأكول

إنّ النساء متى ينهين عن خلـقٍ *** فإنّه واقـعٌ لا بـدّ مـفـعـول

لمعاذ في النساء عن رجاء بن حيوة قال‏:‏ قال معاذ‏:‏ إنكم ابتليتم بفتنة الضّرّاء فصبرتم، وإني أخاف عليكم فتنة السّرّاء، وإن من أشدّ من ذلكم عندي النساء، إذا تحلّين الذّهب ولبسن ريط الشأم وعصب اليمن، فأتبعن الغنيّ، وكلّفن الفقير ما لا يجد‏.‏

لبعض الشعراء قال بعض الشعراء‏:‏

تمتّع بها ما ساعفتك ولا تـكـن *** عليك شجًا يؤذيك حـين تـبـين

وإن هي أعطتك اللّيان فـإنّـهـا *** لغيرك من خلاّنهـا سـتـلـين

وإن حلفت لا ينقصن النأى عهدها *** فليس لمخضوب البنـان يمـين

خبر عاتكة بنت زيد أبو عليّ الأمويّ قال‏:‏ كانت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، عند عبد اللّه بن أبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه، وكانت قد غلبته في كثيرٍ من أمره؛ فقال له أبوه‏:‏ طلّقها‏.‏ فطلّقها وأنشأ يقول‏:‏

لها خلقٌ سهلٌ وحسنٌ ومنصبٌ *** وخلقٌ سويٌ ما يعاب ومنطق

فرمي يوم الطائف بسهم؛ فلما مات قال ترثيه‏:‏

وآليت لا تنفـكّ عـينـي سـخـينةً *** عليك ولا ينفكّ جـلـدي أغـبـرا

فللّه عينٌ ما رأت مـثـلـه فـتـىً *** أعزّ وأحمى في الهياج وأصـبـرا

إذا شرعت فيه الأسنّة خـاضـهـا *** إلى الموت حتى يترك الرّمح أحمرا

ثم خطبها عمر بن الخطّاب، فلما أولم قال عبد الرحمن بن أبي بكر‏:‏ ياأمير المؤمنين اتأذن لي أن أدخل رأسي على عاتكة‏؟‏ قال‏:‏ نعم، يا عاتكة استتري‏.‏ فأدخل رأسه فقال‏:‏

وآليت لا تنفكّ عيني قـريرةً *** عليك ولا ينفكذ جلدي أصفرا

فنشجت نشجًا عاليًا؛ فقال عمر‏:‏ ما أردت إلى هذا‏!‏ كلّ النساء يفعلن هذا‏!‏ غفر اللّه لك‏.‏ ثم تزوّجها الزّبير بعد عمر وقد خلا من سنّها، فكانت تخرج باللّيل إلى المسجد ولها عجيزةٌ ضخممة؛ فقال لها الزّبير‏:‏ لا تخرجي؛ فقالت‏:‏ لا أزال أخرج أو تمنعني‏.‏ وكان يكره أن يمنعها، لقول النبيّ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه‏"‏، فقعد لها الزّبير متنكرًا في ظلمة اللّيل، فلما مرّت به قرص عجيزتها؛ فكانت لا تخرج بعد ذلك؛ فقال لها‏:‏ ما لك لا تخرجين‏؟‏ فقالت‏:‏ كنت أخرج والناس ناسٌ، وقد فسد الناس فبيتي أوسع لي‏.‏

لرجل من العرب يخاطب امرأته قال المدائنيّ‏:‏ احتضر رجلٌ من العرب وله ابن يدبّ بين يديه؛ وأم الصّبيّ جالسةٌ عند رأسه؛ واسم الصبيّ معمر فقال‏:‏

وإنّي لأخشى أن أموت فتنكحـي *** ويقذف في أيدي المراضع معمر

وترخى سـتـورٌ دونـه وقـلائدٌ *** ويشغلكم عنه خلوقٌ ومجـمـر

فما لبث أن مات، ثم تزوّجت، ثم صار معمرٌ إلى ما ذكر‏.‏

عمر بن الخطاب وشاب قتل يهوديًا كان عند امرأة أخيه عن الحسن‏:‏ أنّ شابّين كانا متآخيين على عهد عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأغزى أحدهما، فأوصى أخاه بأهله؛ فانطلق في ليلةٍ ذات ريح وظلمةٍ إلى أهل أخيه يتعهّدهم، فإذا سراجٌ في البيت يزهر، وإذا يهوديٌّ في البيت مع أهله وهو يقول‏:‏

وأشعث غرّه الإسلام منّي *** خلوت بعرسه ليل التّمـام

أبيت على ترائبها ويضحي *** على جرداء لاحقة الحزام

كأنّ مجامع الرّبلات منها *** فئامٌ ينهضون إلى فـئام

فرجع الشابّ إلى أهله، فاشتمل السيف حتى دخل على أهل أخيه فقتله ثم جرّه وألقاه في الطريق؛ فأصبح اليهود وصاحبهم قتيلٌ لا يدرون من قتله، فأتوا عمر بن الخطاب فدخلوا عليه وذكروا ذلك له، فنادى عمر في الناسّ‏:‏ الصلاة جامعةً، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ أنشد اللّه رجلًا علم من هذا القتيل علمًا إلا أخبرني به‏.‏ فقامالشابّ فأنشده الشعر وأخبره خبره؛ فقال عمر‏:‏ لا يقطع اللّه يدك، وهدر دمه لابن عباس في مثل المرأة السوء كان ابن عباس يقول‏:‏ مثل المرأة السّوء‏:‏ كان قبلكم رجلٌ صالح له امرأة سوءٍ فعرض له رجل فقال‏:‏ إني رسول اللّه إليك بأنهّ قد جعل لك ثلاث دعوات فسل ما شئت من دنيا أو آخره ثم نهض‏.‏ فرجع الرجل إلى منزله؛ فقلت له امرأته‏:‏ ما لي أراك مفكرًا محزونًا‏؟‏ فأخبرها؛ فقلت‏:‏ ألست امرأتك وفي صحبتك وبناتك منيّ‏!‏ فاجعل لي دعوة‏.‏ فأبى فأقبل عليه ولده وقلن‏:‏ أمنّا، فلم يزلن به حتى قال‏:‏ لك دعوةٌ؛ فقلت‏:‏ اللهم اجعلني أحسن الناس وجهًا‏.‏ فصارت كذلك، وجعلت توطىء فراشها وهو يعظها فلا تتّعظ، فغضب يومًا فقال‏:‏ اللهمّ اجعلها خنزيرةً فتحوّلت كذلك؛ فلما رأين بناته م نزل بأمهنّ بكين وضربن وجوههن ونتفن شعورهن، فرّق لهن قلبه فقال‏:‏ اللّهم أعدها كما كانت أولًا؛ فذهبت دعواته الثلاث فيها‏.‏

بين عبد اللّه بن عكرمة وامرأة عبد الرحمن بن الحارث قال عبد اللّه بن عكرمة‏:‏ دخلت على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزوميّ أعوده، فقلت‏:‏ كيف تجدك‏؟‏ فقال‏:‏ أجدني واللّه بالموت، وما موتي بأشدّ عليّ من تمتّع‏"‏أمّ‏"‏هشام، أخاف أن تتزوّج - يعني امرأته -‏.‏ فحلفت له وآلت ألا تتزوّج بعده، فغشي وجه نورٌ، ثم قال‏:‏ شأن الموت أن ينزل متى شاء‏.‏ ثم مات‏.‏ فتزوّجت بعمر بن عبد العزيز؛ فقلت‏:‏

فإن لقيت خيرًا فلا يهنئنّها *** وإن تعست فلليدين وللفم

فبلغها، فكتبت إليّ‏:‏ قد بلغني بيتك الذي تمثلّت به، وما مثلي ومثل أخيك إلاّ كما قال الشاعر‏:‏

وهل كـنـت إلا والـهـًا ذات تـرحةٍ *** قضت نحبها بعد الحنـين الـمـرجّـع

متى تسل عنـه تـدّكـر بـعـد طـيّةٍ *** من الأرض أو تقنع بألفٍ فـتـربـع

فدع عنك من قد وارت الأرض شخصه *** وفي غير من قد وارت الأرض فاطمع

فبلغ ذلك منّي كلّ غيظٍ، واحتسبت حسابها، وإذا هي قد أعجلت عدّتها، وقد بقي عليها أربعة أيّام، فدخلت على عمر فأخبرته بذلك، فنقض النّكاح وعزل عن المدينة‏.‏

صخر بن الشريد وزوجته وأمه كان صخر بن الشّريد أخو الخنساء خرج في غزوةٍ فقاتل فيها قتالًا شديدًا فأصابه جرحٌ رغيبٌ،فمرض فطال مرضه وعاده قومه، فقال عائدٌ من عوّاده يومًا لامرأته سلمى‏:‏ كيف أصبح صخرٌ اليوم‏؟‏ قالت‏:‏ لا حيّا فيرجى ولا ميتًا فينسى‏.‏ فسمع صخرٌ كلامها فشقّ عليه، وقال لها‏:‏ أنت القائلة كذا وكذا‏؟‏ قالت‏:‏ نعم غير معتذرةٍ إليك‏.‏ ثم قال عائدٌ آخر لأمّه‏:‏ كيف أصبح صخرٌ اليوم‏؟‏ فقالت‏:‏ أصبح بحمد اللّه صالحًا ولا يزال بحمد اللّه بخيرٍ ما رأينا سواده بيننا‏.‏ فقال صخر‏:‏

أرى أمّ صخرٍ ما تملّ عيادتـي *** وملّت سليمى مضجعي ومكاني

وما كنت أخشى أن أكون جنازةً *** عليك ومن يغترّ بالـحـدثـان

فأيّ امرئٍ ساوى بـأمٍّ حـلـيلةً *** فلا عاش إلاّ في أذى وهـوان

أهمّ بأمر الحزم لو أستطـيعـه *** وقد حيل بين العير والنّـزوان

لعمري لقد أنبهت من كان نائمًا *** وأسمعت من كانت لـه أذنـان

فلما أفاق عمد إلى سلمى فعلّقها بعمود الفسطاط حتى فاضت نفسها، ثم نكس من طعنته فمات‏.‏

أردشير وابنة ملك لسواد وقرأت في سير العجم أنّ أردشير سار إلى الخضر، وكان ملك السّواد متحصنًا فيها، وكان من أعظم ملوك الطوائف، فحاصره فيها زمانًا لا يجد إليه سبيلًا، حتى رقيت ابنة ملك السّواد يومًا، فرأت أردشير فعشقته فنزلت وأخذت نشابةً وكتبت عليها‏:‏ إن أنت شرطت لي أن تتزوّجني دللتك على موضع تفتتح منه هذه المدينة بأيسر حيلةٍ وأخفّ مؤونةٍ‏.‏ ثم رمت بالنشّابة

نحو أردشير؛ فكتب الجواب في نشّابةٍ‏:‏ لك الوفاء بما سألت‏.‏ ثم ألقاه إليها؛ فكتبت إليه تدلّه على الموضع؛ فأرسل إليه أردشير فافتتحه ودخل هو وجنوده، وأهل المدينة غارّون، فقتلوا ملكها وأكثر مقاتلتها وتزوّجها؛ فبينما هي ذات ليلةٍ على فراشه أنكرت مكانها حتى سهرت لذلك عامّة ليلتها، فنظروا في الفراش فوجدوا تحت المحبس ورقةً من ورق الآس قد أثّرت في جلدها، فسألها أردشير عند ذلك عما كان أبوها يغذوها به؛ فقالت‏:‏ كان أكثر غذائي الشهد والزّبد والمخّ‏.‏ فقال أردشير‏:‏ ما أحدٌ ببالغٍ لك في الحباء والإكرام مبلغ أبيك، ولئن كان جزاؤه عدك على جهد إحسانه مع لطف قرابته وعظم حقّه جهد إساءتك، ما أنا بأمنٍ لمثله منك‏.‏ ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرسٍ شديد المراح جموحٍ ثم يجرى؛ ففعل ذلك حتى تساقطت عضوًا عضوًا‏.‏

بين أخوين وزوجة أحدهما العتبي‏:‏ سمعت أبي يحدّث ع ناسٍ من أهل الشأم‏:‏ أن أخوين كان لأحدهما زوجة وكان يغيب ويخلفه‏"‏الآخر‏"‏في أهله، فهويته امرأة الغائب، فأرادته على نفسها فامتع؛ فلما قدم أاخوه سألها عن حالها، فقالت‏:‏ ما حال امرأة تراود في كلّ حينٍ‏!‏ فقال‏:‏ أخي وابن أميّ‏!‏وإني لا أفضحه‏!‏ ولكن للّه عليّ ألاّ أكلمهّ أبدًا‏.‏ ثم حجّ وحجّ أخوه والمرأة فلما كانوا بوادي الدّوم هلك الأخ ودفوه وقضوا حجّهم ورجعوا؛ فمرّوا بذلك الوادي ليلًا فسمعوا هاتفًا يقول‏:‏

أجدّك تمضي الدّوم ليلًا ولا ترى *** عليك لاأهل الدّوم أن تتكلـمـا

وبالدّوم ثاوٍ لو ثويت مـكـانـه *** ومرّ بوادي الدّوم حيًّا لسّلـمـا

فظنتّ المرأة أنّ النداء من السماء، فقلت لزوجها‏:‏ هذا مقام العائذ كان من أخيك ومنيّ كيت وكيت‏.‏ فقال‏:‏ واللّه لو حلّ قتلك لوجدتني سريعًا‏.‏ ففارقها وضرب خيمةً على قبر أخيه وقال‏:‏

هجرتك في طول الحياة وأبتغي *** كلامك لما صرت رمسًاوأعظما

ذكرت ذنوبًا فيك كنت اجترمتها *** أنا منك فيها كنت أسوا وأظلمـا

ولم يزل مقيمًا حتى مات ودفن بجنب أخيه، فالقبران معروفان‏.‏

شعر للأخطل وقال الأخطل‏:‏

المهديات لمن هوين مـسـبةً *** والمحسنات لمن قلين مقـالا

يرعين عهدك ما رأيناك شاهدًا *** وإذا مذلت يكنّ عنك مـذالا

وإذا وعدنك نائلًا أخلـفـنـه *** ووجدت دون عداتهن مطـالًا

وإذا دعونك عمهّـن فـإنـه *** نسبٌ يزيدك عندهن خـبـالًا

قرشيّ وامرأته عن يحيى بن طفيلٍ الجشميّ قال‏:‏ كان عند رجلٍ من قريش امرأة يحبّها، فسافر عنها، فقالت له‏:‏ أشيعكّ، فشيعتهّ ثلاث مراحل؛ فلما مضى قالت لخادمها‏:‏ ناولني بعرةً وروثةً وحصاةً‏.‏ فناولها، فألقت الروثة وقالت‏:‏ راث خبرك؛ وألقت البعرة وقالت‏:‏ وعر سفرك؛ وألقت الحصاة وقالت‏:‏ حصّ أثرك‏.‏ فسمعها رجل على الماء فلحقه، فقال له‏:‏ ما هذه منك‏؟‏ قال‏:‏ امرأتي وأعزّ الناس إليّ‏.‏ فأخبره بالخبر، فقام على الماء، فلما أمسى أقبل نحو منزله فوجد معها رجلًا، فقتلهما جميعًا‏.‏

باب الولادة والولد

بين أبي الأسود وزوجته عند زياد في ولدهما خاصمت أمّ عوفٍ- امرأة أبي الأسود الدؤلي- أبا الأسود قبل أن تضعه‏.‏ فقالت أمّ عوفٍ وضعته شهوةً ووضعته كرهًا، وحملته خفًا وحملته ثقلًا‏.‏ فقال زياد‏:‏ صدقت أنت أحقّ به فدفعه إليها‏.‏

للرياشي أنشدنا الرّياشي‏:‏

غلبت أمّه أباه عـلـيه *** فهو كالكابليّ أشبه خاله

وقال آخر‏:‏

واللّه ما أشبهني عـصـام *** لالاخلق منـه ولا قـوام

نمت وعرق الخال لا ينام ***

لبعض بني أسد وقال بعض بني أسدٍ- والقيافة فيهم‏:‏ لا يخطىء الرجل من أبيه خلةً من ثلاثٍ‏:‏ رأسه أو صوته أو مشيته‏.‏

قيل لرجل‏:‏ ما أشبه ولدك بك‏!‏ قال‏:‏ من ترك وأهله أشبهه ولده قال رجل للجمان‏:‏ ولدت امرأتي لستة أشهر؛ فقال الجمان‏:‏ كان أبوها ضاربًا للفرزدق وقد عيّرته زوجته بعدم الإنجاب عيّرت نوار- امرأة الفرزدق- الفرزدق بأنه لا ولدّ له؛ فقال الفرزدق‏:‏

وقالت أراه واحدًا لا أخـا لـه *** يورّثه في الورثين الأبـاعـدا

لعلّك يومًا أن تريني كـأنـمـا *** بنيّ حواليّ الأسود الـحـوارد

فإنّ تميمًا قبل أن يلد الحصـى *** أقام زمانًا وهو في الناس واحد

باب الطلاق

الفرزدق وشيخ من بني مضر عن عيسى بن عمر قال‏:‏ شكا الفرزدق امرأته، فقال له شيخ من بي مضر كان أسنّ منه‏:‏ أفلا تكسعها بالمحرجات‏!‏‏"‏يعني الطلاق‏"‏؛ فقال‏:‏ قاتلك اللّه‏!‏ ما أعلمك من شيخ‏!‏‏.‏

لخالد بن صفوان

قال خالد بن صفوان‏:‏ ما بتّ ليلةً أحبّ إليّ من ليلةٍ طلّقت فيها نسائي، فأرجع والستور قد هتكت، ومتاع البيت قد نقل، فتبعث إليّ إحداهن بسليلةٍ مع بنتي فيها طعامي، وتبعث لي الأخرى بفراشٍ أنام عليه‏.‏

لامرأة كانت تطلّق كثيرًا قيل لامرأة كانت تطلّق كثيرًا‏:‏ ما بالك تطلّقين‏؟‏ قالت‏:‏ يريدون التّضييق علينا، ضيق اللّه عليهم‏!‏‏.‏

لرجل طلق امرأته طلّق رجل امرأته؛ فقيل له‏:‏ ما صنعت‏؟‏ قال‏:‏ طلّقتها والأرض من ورائها‏.‏ أي لا أقرب ناحيةً هي بها‏.‏

قول أعرابي لامرأتهد وقال أعرابيّ لامرأته‏:‏

أنوّهت باسمي في العالمين *** وأفنيت عمري عامًا فعاما

فأنت الطلاق وأنت الطلاق *** وأنت الطلاق ثلاثًا تمامـا

بين رجل وأبي حازم الأصمعيّ قال‏:‏ أتى رجلٌ أبا حازم فقال‏:‏ إنّ الشيطان قد أولع بي يوسوس لي ويحدّثني أني طلّقت امرأتي‏.‏ فقال له‏:‏ وأنا أحدّثك أنك قد طلقتها، أو مافعلت‏؟‏ فقال‏:‏ سبحان اللّه يا أبا حازم‏!‏ أفتكذّبني وتصدّق الشيطان‏!‏ شعر لأعرابي طلق امرأته وقال أعرابيّ وقد طلق امرأته‏:‏

وما أنا إذ فارقت أسمـاء طـائعـًا *** بخيرٍ من السّكران رأيا ولا عقـلا

وما زال صرف الدهر حتى رأيتني *** أبيت بها ضيفًا كأن لم أكن بعـلا

وقال آخر‏:‏

لئن كان يهدي برد أنيابها العلا *** لأفقر منّي إننـي لـفـقـير

لقد كثر الأخبار أن قد تزوّجت *** فهل يأتينّي بالطلاق بـشـير

باب العشّاق سوى عشّاق الشعراء

بين محمد بن قيس ويزيد بن عبد الملك في عاشقين محمد بن قيس الأسديّ قال‏:‏ وجّهني عامل المدينة إلى يزيد بن عبد الملك وهو خليفة فخرجت، فلما قربت المدينة بليلتين أو ثلاث وإذا أنا بامرأةٍ قاعدةٍ على قارعة الطريق، وإذا رجلٌ رأسه في حجرها كلّما سقط رأسه أسندته، فسلّمت فردّت ولم يردّ الشاب؛ ثم تأمّلتني فقالت‏:‏ يا فتى، هل لك في أجرٍ لا مرزئة فيه‏؟‏ قلت‏:‏ سبحان اللّه‏!‏ وما أحبّ الأجر أليّ وإن رزئت فيه‏!‏ فقالت‏:‏ هذا ابني، وكان إلفًا لابنة عمّ له تربيّا جميعًا، ثم حجبت عنه، فكان يأتي الموضع والخباء، ثم خطبها إلى أبيها فأبى عليه أن يزوّجها؛ ونحن نرى عيبًا أن تزوّج المرأة من رجل كان بها مغرمًا، وقد خطبها ابن عمّ لها وقد زوّجت منذ ثلاثٍ، فهو على ما ترى لا يأكل ولا يشرب ولا يعقل، فلو نزلت إليه فوعظته‏!‏ فنزلت إليه فوعظته؛ فأقبل عليّ وقال‏:‏

ألا ما للحـبـيبة لا تـعـود *** أبخلٌ بالحبـيبة أم صـدود

مرضت فعادني قومي جميعًا *** فما لك لم تري فيمن يعـود

فقدت حبيبتي فبلـيت وجـدًا *** وفقد الإلف يا سكنى شـديد

وما استبطأت غيرك فاعلميه *** وحولي من بني عمّي عديد

فلو كنت السّقيمة جئت أسعى *** إليك ولم ينهنهني الـوعـيد

قال‏:‏ ثم سكن عند آخر كلمته؛ فقالت العجوز‏:‏ فاضت واللّه نفسه ثلاثًا‏!‏ فدخلني أمرٌ لا يعلمه إلاّ اللّه، فاغتممت وخفت موته لكلامي‏.‏ فلما رأت العجوز ما بي قالت‏:‏ هوّن عليك‏!‏ مات بأجله واستراح ممّا كان فيه، وقدم على ربّ كريم؛ فهل لك في استكمال الأجر‏؟‏ هذه أبياتي منك غير بعيدة، تأتيهم فتنعاه إليهم وتسألهم حضورهم‏.‏ فركبت فأتيت أبياتًا منها على قدر ميلٍ، فنعيته إليهم وقد حفظت الشعر، فجعل الرجل يسترجع‏.‏ فبينما أنا أدور إذا امرأة قد خرجت من خبائها تجرّ رداءه ناشرةً شعرها، فقالت‏:‏ أيها النّاعي، بفيك الكثكث، بفيك الحجر‏!‏ م تنعى‏؟‏ قلت‏:‏ فلان بن فلان‏.‏ فقالت‏:‏ بالذي أرسل محمدًا واصطفاه، هل مات‏؟‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قالت‏:‏ فماذا الذي قال قبل موته‏؟‏ فأنشدتها الشعر، فو اللّه ما تنهنهت أن قالت‏:‏

عداي أن أزورك يا حبـيبـي *** معاشر كلّهم واشٍ حـسـود

أشاعوا ما سمعت من الدواهي *** وعابونا وما فـيهـم رشـيد

وأمّا إذ ثويت الـيوم لـحـدًا *** فدور الناس كلّهـم لـحـود

فلا طابت لي الدنـيا فـواقـا *** ولا لهم ولا أثرى الـعـبـيد

ثم مضت معي ومع القوم تولول حتى انتهينا إليه، فغسّلناه وكفّنّاه وصلّينا عليه، فأكبّت على قبره؛ وخرجت لطيّتي حتى أتيت يزيد بن عبد الملك، وأوصلت إليه الكتاب؛ فسألني عن أمورالناس، قال‏:‏ هل رأيت في طريقك شيئًا‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، رأيت واللّه عجبًا‏.‏وحدّثته الحديث؛ فاستوى جالسًا، ثم قال‏:‏ للّه أنت يا محمد بن قيس‏!‏ امض الساعة قبل أن تعرف جواب ما قدمت له، حتى تمرّ بأهل الفتى وبني عمّه، وتمرّ بهم إلى عامل المدينة، وتأمره أن يثبتهم في شرف العطاء، وإن كان أصابها ما أصابه، فافعل ببني عمّها ما فعلت ببني عمه ثم ارجع إليّ حتى تخبرني بالخبر، وتأخذ جواب ما قدمت له‏.‏ فمررت بموضع القبر، فرأيت إلى جانبه قبرًا آخر، فسألت عنه فقيل‏:‏ قبر المرأة، أكبّت على قبره، ولم تذق طعامًا ولا شرابًا، ولم ترفع عنه إلى ثلاثة أيام‏"‏إلا‏"‏ميتةً‏.‏ فجمعت بني عمّها وبني عمّه، وأثبتّهم في شرف العطاء جميعًا‏.‏

لرجل من بني تميم في عاشقين ماتا عشقًا عن هشام بن حسّان عن رجل من بني تميم قال‏:‏ خرجت في طلب ناقةٍ لي، حتى وردت على ماءٍ من مياه طيءٍ، فإذا أنا بعسكرين بينهما دعوة فإذا أنا بفتى شابٍّ وجاريةٍ في العسكر، وإذا هو قد سمع نبرةً من كلامها وهو مريض، فرفع عقيرته وقال‏:‏

ألا ما للمـلـيحة لا تـعـود *** أبخلٌ بالمـلـيحة أم صـدود

فلو كنت المريضة كنت أسعى *** إليك ولم ينهنهنـي الـوعـيد

فسمعتصوته فخرجت تعدو، فأمسكها النساء، وأبصرها فأقبل ينشد، فأمسكه الرجال فأفلت وأفلتت، فاعتنقا وخرّا ميتين؛ فخرج شيخ من تلك الأخبية حتى وقف عليهما، فاسترجع لهما، ثم قال‏:‏ أما واللّه لئن كنتما لم تجتمعا حييّن لأجمعنّ بينكما ميّتين‏.‏ قال‏:‏ فقلت‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا ابن أخي، وهذه ابنتي‏.‏ فدفنهما في قبر ولحد‏.‏

عبد اللّه بن عجلان عن ابن سيرين قال‏:‏ قال عبد اللّه بن عجلان صاحب هند التي عشقها وكانت تحبّه فطلّقها‏:‏

ألا إنّ هندًا أصبحت لك محرمًا *** وأصبحت من أدنى حموتّها حما

وأصبحت كالمقمور جفن سلاحه *** يقلّب بالكفّين قوسًا وأسهـمـا

ومدّ بها صوته ثم مات‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ فيه قال الشاعر‏:‏

إن متّ من الـحـبّ *** فقد مات ابن عجلان

لأعرابي من العذريين قيل لأعرابيّ من العذريينّ‏:‏ ما بال قلوبكم كأنها قلوب طيرٍ تنماث كما ينماث الملح في الماء‏!‏ أما تجلدونّ‏؟‏ فقال‏:‏ إننا ننظر إلى محاجر أعينٍ لا تنظرون إليها‏.‏

وقيل لأعرابيّ‏:‏ ممنّ أنت‏؟‏ فقال‏:‏ من قوم إذا أحبواّ ماتوا‏.‏ فقالت جارية سمعته‏:‏ عذّريّ وربّ الكعبة‏!‏‏.‏

لعبد الملك بن عمير في أخوين من بني كنّة عن عبد الملك بن عمير قال‏:‏ كان أخوان من بني كنّة من ثقيف، أحدهما ذو أهل، والآخر عزبٌ، وكان ذو الأهل إذا غاب خلفه العزب في أهله؛ فغاب غيبةً له؛ فجاء العزب يومًا فطلعت عليه امرأة الأخ، وهي لا تعلم بمكانه، وعليها درع يشفّ، فسترت وجهها بذراعيها، فوقعت في قلبه، وجعل يذوب حتى صار كأنه خيطٌ، فقدم أخوه فقال‏:‏ يا أخي، ما لك‏؟‏ قال‏:‏ لا أدري‏.‏ واستحيا أن يذكر ما به؛ فانطلق أخوه إلى الحارث بن كلدة طبيب العرب، فوصفه له؛ فقال‏:‏ احمله إليّ‏.‏ فلما نظر إليه قال‏:‏ أمّا العينان فصحيحتان وأما الجسم فذائب ولا أظن أخاك إلا عاشقًا قال‏:‏ ترى أخي بالموت وتزعم أنه عاشق‏!‏ قال‏:‏ هو ما أقول لك فاسقه الشراب فسقاه الخمر، فقال الشعر ولم يكن الشعر من شأنه فقال‏:‏

ألمّا بي إلـى الأبـيا *** ت بالخيف أزر هنّه

غزال ما رأيت اليو *** م في دور بني كنّه

غزال أكحل العـين *** وفي منطقه غنّـه

فقال أخوه‏:‏ واللّه ما أراه إلا كما قال ولكن لا أدري من عني فسقاه شربةً أخرى فقال‏:‏

أيها الحيّ اسلـمـوا *** اسلموا ثمت اسلموا

لا تولوا وتعرضـوا *** واربعوا كي تكلموا

خرجت مزنة من ال *** بحر ريا تحـحـم

هي ما كنّتي وتـز *** عم أني لهـا حـم

قال‏:‏ يا أخي هي طالقٌ ثلاثًا، فإن شئت فتزوجها‏.‏ قال‏:‏ وهي طالقٌ إن تزوجتها‏.‏ قال غيره‏.‏ فلما أفاق ذهب على وجهه حياءً ولم يرجع، فهو فقيد ثقيف‏.‏

خبر عباس والجارية التي هويها

عن أبي مسكين قال‏:‏ خرج أناس من بني حنيفة يتنزهون إلى جبل لهم، فبصر فتى منهم يقال له عباس بجاريةٍ فهويها، وقال لأصحابه‏:‏ والله لا أنصرف حتى أرسل إليها‏.‏ فطلبوا إليه أن يكفّ وأن ينصرف معهم فأبى، وأقبل يراسل الجارية حتى وقع في نفسها، فأقبل في ليلةٍ إضحيانةٍ متنكبًا قوسه وهي بين إخوتها نائمةٌ، فأيقظها؛ فقالت‏:‏ انصرف وإلا أيقظت إخوتي فقتلوك‏!‏ فقال‏:‏ والله للموت أيسر مما أنا فيه، ولكن الله عليّ إن أعطيتني يدك حتى أضعها على فؤادي أن أنصرف‏.‏ فأمكنته من يدها، فوضعها على فؤاده ثم انصرف؛ فلما كان من القابلة أتاها وهي في مثل حالها، فقالت له مثل مقالتها، وردّ عليها وقال‏:‏ إن أمكنتيني من شفتيك أرشفهما انصرفت ثم لا أعود إليك‏.‏ فأمكنته من شفتيها فرشفهما ثم انصرف؛ فوقع في قلبها منه مثل النار؛ ونذر به الحي، فقالوا‏:‏ ما لهذا الفاسق في هذا الجبل‏!‏ انهضوا بنا إليه حتى نخرجه منه‏.‏ فأرسلت إليه‏:‏ إن القوم يأتونك الله فاحذر، فلما أمسى قعد على مرقب ومعه قوسع وأسهمه، وأصاب الحي من آخر النهار مطرٌ وندىً فلهوا عنه؛ فلما كان في آخر الليل وذهب السحاب وطلع القمر، خرجت وهي تريده وقد أصابها الطل، فنشرت شعرها وأعجبتها نفسها ومعها جاريةٌ من الحي، فقالت‏:‏ هل لك في عباسٍ‏؟‏ فخرجتا تمشيان، ونظر إليهما وهو على المرقب، فظن أنهما ممن يطلبه، فرمى بسهم أخطأ فما قلب الجارية ففلقه‏!‏ وصاحت الأخرى، فانحدر من الجبل وإذا هو بالجارية في دمها؛ فقال‏:‏

نعب الغراب بما كره *** ت ولا إزالة للقـدر

تبكي وأنت قتلتـهـا *** فاصبر وإلا فانتحر

ثم وجأ في أوداجه بمشاقصه، وجاء الحي فوجدوهما مقتولين فدفنوهما‏!‏‏.‏

خبر القس وسلامة المغنية قال خلاد الأرقط‏:‏ سمعت مشايخنا من أهل مكة يذكرون أن القس، وهو مولى لبني مخزوم، كان عند أهل مكة بمنزلة عطاء بن أبي رباح، وأنه مرّ يومًا بسلامة وهي تغني، فوقف يسمع؛ فرآه مولاها فدنا منه فقال‏:‏ هل لك‏"‏في‏"‏أن تدخل وتستمع‏؟‏ فأبى، ولم يزل به فقال‏:‏ أقعدك في موضع لا تراها ولا تراك‏.‏ ففعل، ثم غنت فأعجبته؛ فقال‏:‏ هل لك‏"‏في‏"‏أن أحوّلهاإليك‏؟‏ فتأبّي‏.‏ ثم أجاب، فلم يزل‏"‏به‏"‏حتى شغف بها وشغفت به‏.‏ وعلم ذلك أهل مكة‏.‏ فقالت له يومًا وقد خلوا‏:‏ أنا والله أحبك؛ فقال‏:‏ وأنا والله أحبك‏.‏ قالت‏:‏ فأنا أحب أن أضع فمي على فمك؛ قال‏:‏ وأنا والله‏.‏ قالت‏:‏ وأنا والله أحب أن أضع صدري على صدرك؛ قال‏:‏ وأنا والله‏.‏ قالت فما يمنعك‏؟‏ والله إن الموضع لخال‏!‏ فأطرق ساعةً، ثم قال‏:‏ إني سمعت الله يقول‏:‏ ‏"‏الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوًا إلا المتقين‏"‏، وأنا والله أكره أن تكون خلّة ما بيني وبينك عداوةً يوم القيامة‏.‏ ونهض وعاد إلى طريقته التي كان عليها‏.‏ وفيه قيل‏:‏

لقد فتنت ريا وسلا الـقـسـا *** ولم تتركا للقس عقلًا ولا نفسا

ومن شعره فيها‏:‏

أهابك أن أقول بذلت نفسي *** ولو أني أطيع القلب قـالا

حياءً منك حتى شفّ جسمي *** وشق عليّ كتماني وطـالا

وهو القائل‏:‏

قد كنت أعذل في السفاهة أهلها *** فأعجب لما تـأتـي بـه الأيام

فاليوم أرحمهم وأعلـم أنـمـا *** سبل الغواية والهدى أقـسـام

وهو القائل‏:‏

ألم ترها لا يبعـد الـلـه دارهـا *** إذا مرحت في صوتها كيف تصنع

تمد نـظـام الـقـول ثـم تـرده *** إلى صلصل في حلقها فتـرجـع

كتاب منية إلى قابوس ورده عليها كتبت منية إلى قابوس‏:‏ من سن سنة فليرض بأن يحكم عليه بها‏.‏ ومن سأل مسألة فليرض من العطية بقدر بذله‏.‏ لكل عملٍ ثوابٌ، ولكل فعل جزاء‏.‏ ومن بدأ بالظلم كان أظلم‏.‏ ومن انتصر فقد أنصف‏.‏ والعفو أقرب إلى العقل‏.‏ وغير مسيءٍ من أعتب‏.‏ وغير مذنبٍ من طوّل‏.‏‏"‏مع‏"‏المخض تبدو الزبدة‏.‏ عند تناهي البلاء يكون الفرج‏.‏ كل ذي قرحٍ يشتهي دواء قرحه‏.‏ كل مطمع منتظر‏.‏ كل آتٍ قريب‏.‏ مع كل فرحةٍ ترحةٌ‏.‏ من خبث سنخه غلظ كبده ونام حقده‏.‏ الموت أروح من الهوى‏.‏ اليأس أول سبب الراحة‏.‏ السحر أنفذ من الشعر‏.‏ دواء كل محب حبيبه‏.‏ مع اليوم غدٌ‏.‏ وكما تدين تدان‏.‏ استشف الله لما بك، واسأله المدافعة عنك‏.‏ فأجابها‏:‏

من الكرام تكون الرحمة، ومن اللئام تكون القسوة‏.‏ من كرم أصله لان قلبه ورق وجهه‏.‏ ومن عاقب بالذنوب ترك الفضل‏.‏ ومن ترك الفضل أخطأ الحظ‏.‏ وم لم يغفر لم يغفر له‏.‏ ومن حقد واضطغن اكتسب الأعداء‏.‏ أولى الناس بالرحمة من احتاج إليها فحرمها‏.‏ لكل كربٍ فرجٌ، ولكل عمل ثوابٌ‏.‏ من أحب رقّ لكل محب‏.‏ لا داء أدوى من الهوى، ولا أوهن منه لذي القوى‏.‏ لا ملكة أكرم من ملكة كريم، ولا قدرة ألأم من قدرة لئيم‏.‏ ملكت فأسجحي‏:‏ قدرت فاعفي‏.‏ ويلٌ للشجي من الخلي‏.‏ من كان في نعمةٍ لم يدر قدر البلية‏.‏ من سها عقله فسد عيشه، ومن فسد عيشه كان الموت راحته‏.‏ الآمال مبسوطة، والآجال معدودة‏.‏ والمتوقع الموت‏.‏ وحسرة الموت من مات بغصةٍ‏.‏ خير الخير أعجله‏.‏ من أراد معروفًا فلا يتطول‏.‏ الحب أثقل محمول‏.‏

وكتب إليها أيضًا‏:‏ قلّ من حبيبٍ كتاب، وعظم من محب مصاب‏.‏ لكل آخر أوّل، مرقاةٌ إلى مرقاة‏.‏ قد ينمو القليل فيكثر، ويضمحل الكثير فيذهب‏.‏ من طلب وجد‏.‏ ومن أدمن الاستفتاح فتحت له الأغلاق‏.‏ أولى الأمور بالنجاح المواظبة‏.‏ قد يتبع الظفر البصر، ويتبع البصر التغير والاستثقال، ويتبع الاستثقال الاستبدال؛ ولن يدوم شيء على حال‏.‏ ولكل همّ فرجٌ‏.‏ والعناء مقرونٌ بالرجاء‏.‏ قد يستخرج بالكلمة الحية، وتنشأ من الحبة الشجرة‏.‏ وفي اللقاء شفاء الغليل، وتنفس الهموم‏.‏ ارتاد امرءٌ قبل حلوله، وتثبت قبل إقدامه‏.‏ مع العجلة تكون الندامة، وفي التثبت تكون السلامة‏.‏ العاقل من ابتدأ عملًا في غير حينه فبلغ في حين وقته‏.‏ لا ينال بغير دواء شفاء‏.‏ الصعب يمكن بعد منع‏.‏ الرفق سبب القدرة‏.‏ الخرق مفتاح الحرمان‏.‏ من أسر أسراره دامت له لذاته‏.‏ ربّ أكلةٍ تمنع أكلات، ولقيه تصدّ عن لقيات‏.‏

أبياتٌ في الغزل حسانٌ

يقر بعيني أن أرى من مكـانـه *** ذرى عقدات الأبرق المتقـاود

وأن أراد الماء الذي شربت بـه *** سليمى فقد ملّ السرى كل واخد

وألصق أحشائي بـرد تـرابـه *** وإن كان مخلوطًا بسم الأسـاود

لأبي صخر الهذلي قال أبو صخر الهذلي‏:‏

أما والذي أبكى وأضـحـك والـذي *** أمات وأحيا والـذي أمـره الأمـر

لقد تركتني أحسد الـوحـش أن أرى *** أليقين منها لا يروعهمـا الـذعـر

فيا هجر ليلى قد بلغت بي الـمـدى *** وذرت على ما لم يكن بلغ الهجـر

ويا حبّها زدنـي جـوىً كـل لـيلةٍ *** ويا سلوة الأيام موعدك الـحـشـر

وصلتك حتى قيل لا يعرف القـلـى *** وزرتك حتى قلت ليس له صـبـر

جبت لسعي الدهر بينـي وبـينـهـا *** فلما انقضى ما بيننا سكن الـدهـر

إذا ذكرت يرتاح قلبي لـذكـرهـا *** كما انتفض العصفور بلّله القطـر

هل الوجد إلا أن قلـبـي لـو دنـا *** من الجمر قيد الرمح لاحترق الجمر

وقال آخر‏:‏

أيا خلّة النفس التي ليس دونهـا *** لنا من أخلاء الصفاء خـلـيل

ويا من كتمنا حبّه لم يطع بـه *** عدوٌّ ولم يؤمن علـيه دخـيل

أما من مقامٍ أشتكي غربة النوى *** وجور العدا فيه إليك سـبـيل

وكنت إذا ما جئت جئت بعـلةٍ *** فأفنيت علاتي فـأيش أقـول

وما كلّ يومٍ لي بأرضك حاجةٌ *** وما كل يوم لي إليك رسـول

المجنون وقال المجنون‏:‏

وإني لأستغشي وما بي نـعـسةٌ *** لعل خيلًا منك يلقـى خـيالـيا

وأخرج من بين الجلوس لعلنـي *** أحدّث عنك النفس في السر خاليا

وقال أيضًا‏:‏

فأدنيتني حتى إذا ما ملكتـنـي *** بقول يحلّ العصم سهل الأباطح

تجافيت عني حين لا لي حـيلةٌ *** وخلفت ما خلفت بين الجوانـح

للعباس بن الأحنف ونحوه قول العباس بن الأحنف‏:‏

أشكو الذين أذاقـونـي مـودّتـهـم *** حتى إذا أيقظوني في الهوى رقدوا

واستنهضوني فلما قمت منتهـضـًا *** من ثقل ما حمّلوني في الهوى قعدوا

لبعض المحدثين وقال بعض المحدثين‏:‏

من كان يبكي لما بـي *** من طول وجدٍ رسيس

فالآن قبـل وفـاتـي ***‏"‏لا عطر بعد عروس‏"‏

للعباس بن جرير، ولآخرين

وقال العباس بن جرير من ولد خالد بن عبد الله‏:‏

ظلّت الأحزان تكحلـنـي *** مضضًا طالت له سنتـي

من هوى ظبيٍ كـأن لـه *** أربًا بالصد في تـرتـي

قد حمى عيني محاسـنـه *** وحمى تقبيله شـفـتـي

شركت عينـاه ظـالـمة *** في دمي قد عظم ما جنت

لابن الطثرية وقال ابن الطثرية‏:‏

وإن كنتم ترجون أن يذهب الهـوى *** يقينًا ونروى بالشراب فنـنـقـعـا

فردّوا هبوب الريح أو غيّروا الجوى *** إذا حلّ ألواذ الحشا فـتـمـنـعـا

تلفتّ نحو الحيّ حتى وجـدتـنـي *** وجعت من الإصغاء ليتًا وأخدعـا

وقال ابن ميادة‏:‏

بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له *** ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب

ولم يعتذر عذر البريء ولم يزل *** له سكتةٌ حتـى يقـال مـريب

وقال عليّ بن الجهم في رقعة أتته بخطّ جاريةٍ‏:‏

ما رقعةٌ جاءتك مثـنـية *** كأنها خـدٌّ عـلـى خـدّ

نبذ سوادٍ في بياضٍ كـمـا *** ذرّ فتيت المسك في الورد

ساهمة الأسطر مصروفةٌ *** عن ملح الهزل إلى الجدّ

يا كاتبًا أسلمني عـتـبـه *** إليه حسبي منك ما عندي

وقال جريرٌ‏:‏

أتجمع قلبًا بالعراق فريقـه *** ومنه بأظلال الأراك فريق

أوانس أما من أردن عنـاءه *** فعانٍ ومن أطلقن فهو طليق

دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا *** بأسهم أعداءٍ وهنّ صـديق

وقال آخر‏:‏

لذان تضنيهما للبـين فـرقـتـه *** ولا يملان طول الدهر ما اجتمعا

مستقبلان بساهٍ من شبـابـهـمـا *** إذا دعا دعوة الداعي الهوى شمعا

لا يعجبان لقول الناس عن عرضٍ *** بل يعجبان لما قالا وما سمـعـا

لأعرابي وقال أعرابيّ‏:‏

وقلن لها سـرًّا وقـينـاك لا يقـم *** صحيحًا فإن لم تقتليه فألـمـمـي

فأذرت قناعًا دونه الشمس واتّقـت *** بأحسن موصولين كفّ ومعـصـم

فراح وما أدري أفي طلعة الضّحى *** يروّخ أم داجٍ من الليل مـظـلـم

وقال آخر‏:‏

يا أحسن الناس من قرن إلى قدم *** لم ألق مثلك في حلّ ولا حرم

يا من تلبّس حسن الغانيات بـه *** قد خطّ قبلك فيما خطّ بالقـلـم

لذي الرمة وقال ذو الرمةّ‏:‏

وقد كنت أبكي والنّوى مطمـئنةٌ *** بنا وبكم من علم ما البين صانع

وأشفق من هجرانكم ويشفّـنـي *** مخافة وشك البين والشمل جامع

وأهجركم هجر البغيض وحبّكـم *** على كبدي منه شؤونٌ صـوادع

وقال أيضًا‏:‏

وقد كنت أخفي حبّ ميّ وذكرها *** رسيس الهوى حتى كأنّ لا أريدها

ما زال يغلو حبّ ميّة عـنـدنـا *** ويزداد حتى لم نجد مـا يزيدهـا

وقال‏:‏

وما زلت أطوي النفس حتى كأنهـا *** بذي الرّمث لم تخطر على بال ذاكر

حياءٌ وإشفاقًا من الـركـب أن يروا *** دليلًا على مستودعات الضـمـائر

وقال آخر‏:‏

قل لحادي المطيّ روّح قليلًا *** نجعل العيس سيرهنّ ذمـيلًا

لا تفقها على السبيل ودعهـا *** يهدها شوق من عليها السّبيلا

وقال آخر‏:‏

فإن يرتحل صحبي بجثمان أعظمـي *** يقم قلبي المحزون في منزل الرّكب

ونحوه‏:‏

جسدٌ مقـيمٌ فـي الـدّيا *** ر وروحه في الطاعنين

وقال آخر‏:‏

لعمر أبي المحضير أيّام نلتـقـي *** بما لا نلاقيها من الدّهر أكـثـر

يعدّون يومًا واحـدًا إن أتـيتـهـا *** وينسون ما كانت من الدهر تهجر

لحميد بن ثور وقال حميد بن ثور‏:‏

وقلن لها قومي فدنياك فاركبي *** فأومت بلا لا غير ما أن تكلّما

يهادينها حتى لوت بـزمـامـه *** بنانًا كهدّاب الدّمقس ومعصمـا

من البيض عاشت بين أمّ عزيزةٍ *** وبين أبٍ برّ أطاع وأكـرمـا

منعّمةٌ لو يصبح الـذّر سـاريًا *** على جلدها نضت مدارجه دما

فما ركبت حتى تـطـاول يومـهـا *** وكانت لها الأيدي إلى الحدب سلّمـا

فجرجر لما كان في الخدر نصفـهـا *** ونصفٌ على دأياته مـا تـحـرّمـا

وما كاد لمّا أن عـلـتـه يقـلّـهـا *** بنهضته حتى اطمـأنّ وأعـصـمـا

وحتى تداعت بالنّـقـيص حـبـالـه *** وهمّت بواني زوره أن تحـطـمـا

وأثّر في صمّ الصّـفـا نـفـثـاتـه *** ورّمت سليمى أمره ثـم صـمّـمـا

فسبّحن واستهـلـلـن لـمـا رأينـه *** بها ربذًا سهل الأراجيح مـرجـمـا

من البيض مكسالٌ إذا ما تلـبّـسـت *** بحبل امرىء لم ينج منها مسـلّـمـا

رقودٌ الضّحى لا تقرب الجيرة القصى *** ولا الجيرة الأذنين إلا تـجـشّـمـا

وليست من اللاّتي يكون حـديثـهـا *** أمـام بـيوت الـحـيّ إنّ وإنّـمـا

لقيس بن ذريح وقال قيس بن ذريح‏:‏

تعلّق روحي قبـل خـلـقـنـا *** ومن بعد ما كنّا نطافًا وفي المهد

فزاد كما زدنا فأصبـح نـامـيًا *** فليس وإن متنا بمنفصم العـهـد

ولـكـنّـه بـاقٍ كـلّ حـادثٍ *** وزائرنا في ظلمة القب واللّحـد

يكاد حباب الماء يخدش جلـدهـا *** إذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد

ولو لبست ثوبًا من الورد خالصًا *** لخدّش منها جلدها ورق الـورد

يثقّلها لبس الحرير لـلـينـهـا *** وتشكو إلى جارتها ثقل العـقـد

وأرحم خدّيها إذا ما لحظـتـهـا *** حذارًا للحظي أن يؤثر في الخد

تم كتاب النساء،وهو الكتاب العاشر من عيون الأخبار، لابن قتيبة رحمة اللّه عليه، وتمّ بتمامه كتاب عيون الأخبار‏.‏ وكتبه الفقير إلى رحمة اللّه تعالى إبراهيم بن عمر ابن محمد بن عليّ الواعظ الجزريّ، في شهور سنة أربع وتسعين وخمسمائة‏.‏

والحمد للّه رب العالمين وصلاته وسلامه على خير خلقه ومظهر حقّه محمد وآله أجمعين‏"‏جاء في أوّل الجزء العاشر على ظهر الصفحة الأولى من النسخة الخطية التي نقل عنها الأصل الفتوغرافي‏"‏أ‏.‏‏"‏ما يأتي‏"‏

قال لي قائل وقد لاح في فـو *** ديّ مستشرقًا بياض القـتـير

لم يعرف البياض بيض الغواني *** قلت علمي وأنت عين الخبير

ليس كره النساء للـشّـيب إلا *** أنـه مـنـذرٌ بـنـوم الأيور

لعلي عليه السلام في صفة الجماع روي عن عليّ عليه السلام أنه سئل عن صفة الجماع فقال‏:‏ عوراتٌ تجتمع وحياءٌ يرتفع، إذا ظهر للعيون كان أشبه بالجنون‏.‏ الإقامة عليه هرم، والإفاقة منه ندم؛ ثمرة حلاله الولد، إن عاش أفتن، وإن مات أحزن‏:‏

إذا لم يكن في منزل المرء حرّةٌ *** مدبرةٌ ضاعـت مـروءة داره

بين عبد الملك بن مروان وجماعة من الشعراء وقيل‏:‏ اجتمع جماعةٌ من الشعراء عند عبد الملك بن مروان فتذاكروا بيت نصيب وهو قوله‏:‏

أهيم بدعدٍ ما حييت فإن أمت *** أوكّل بدعدٍ من يهيم بها بعدي

فما في القوم إلا من عابه وأزرى على نصيب فيه، فقال عبد الملك‏:‏ فما كنتم تقولون أنتم‏؟‏ فقال واحد منهم‏:‏ كنت أقول يا أمير المؤمنين‏:‏

أهيم بدعدٍ مـا حـييت وإن مـت *** فيا ليت شعري من يهيم بها بعدي

فقال له عبد الملك‏:‏ أنت أسوأ رأيًا من نصيب‏.‏ فقالوا‏:‏ فماذا كنت تقول أنت يا أمير االمؤمنين‏؟‏ قال‏:‏ كنت أقول‏:‏

أهيم بدعدٍ ما حييت وإن أمـت *** فلا صلحت دعدٌ لذي خلّةٍ بعدي

فقالوا‏:‏ أنت واللّه أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين‏.‏